صلِّ بهدف – بقلم تشارلز سبرجن

صلِّ بهدفبقلم تشارلز سبرجن

يجب أن تكون الصلاة مُحدَّدة.

كم من صلواتٍ تُصلَّى من أجل كل شيء بصفة عامة وليس فيها أي طِلبة مُحدَّدة! كنت أقرأ ما كتبه خادم متميِّز فيما يتعلق بهذه النقطة، إذ قال: “لماذا كان البويرى[1] في جنوب أفريقيا قادرين على الصمود أمام أفضل القوات البريطانية تدريبًا رغمًا عن ظروفهم المأسوية؟ لماذا؟ لأن الجندي العادي يطلق النار على مجموعة من الأعداء، وهكذا يفقد معظم ذخيرته؛ أما البويرى فقد تعوَّد منذ طفولته ألَّا يفقد طلقة واحدة. إذ عندما يكون في الخلاء، ويرى أسدًا، يصوِّب بحيث يصيب قلب الحيوان. ومثل تلك الطلقات لم تفوت أبدًا تصويب هدفها. إذًا ففي كل مرة يطلق فيها البويرى النار على أحد رجالنا، يقتل شخصًا ما. ومثل هؤلاء الجنود هم أعداء رهيبون في ميدان الحرب”. هناك بعض من الناس يصلُّون مثل الذي يصوِّب الطلقة على كل الفرقة العسكرية، يطلقون النار على أي شيء. ولكن الذي يستحق حُلَّته أمام عرش النعمة، هو الذي يُصلِّي صلاة مُحدَّدة من أجل شيء مُحدَّد هو يريد أن يناله؛ يقول: “هذا هو ما أريده، وهو الذي سأناله، إذا كان ذلك ممكنًا”.

يوجد من يُتلِفون صلواتهم، لأنهم يتردَّدون بشأن طلب الشيء المُحدَّد الذي يريدونه من يد الله. وأنتم تعلمون يا أصدقائي الأعزاء أنه توجد طريقة للصلاة التي فيها لا تطلبون شيئًا، وتنالون ذلك اللا شيء. قد سمعت هذا النوع من الصلاة، حتى في اجتماعات الصلاة العامة. فقد كانت صلوات جيِّدة بحق، تحتوي على عبارات مثيره للإعجاب، صلاة مرتَّبة جيِّدًا. ويبدو أنني سمعتها منذ أن كنت صبيًّا، ولكنها لم تكن تحتوي على صلوات حقيقية، وكان ذلك عيبها الكبير. كانت لتصبح صلاة عظيمة لو اعتبرت صلاة على الإطلاق. ففيها كل مقوِّمات الصلاة، ولكنها ليست صلاة. وكأنك ترى في نافذة متجر ثيابًا كاملة لرجل، ولكن ما من رجل يلبسها. فمثل هذه الصلاة لا تسرع خطاها إلى الله أبدًا، لأن الله لا يعبث باستماع صلاة، رغم أن كثيرين يفعلون. إن الصلاة عمل جاد مع الله، ويجب أن تكون عملًا صريحًا وجديًّا. افرض أنك ذهبت إلى المصرف ووقفت في الصف، وقلت “أريد بعض المال”. فيقول لك الموظَّف “كم تريد يا سيِّد؟ من فضلك ضع المبلغ الذي تريده على هذا الشيك”، فتجيب “إنني لا أريد أن أكون مُحدَّدًا. يمكنك أن تعطني بضع مئات الجنيهات. أنا لا أعرف كم أريد. ولست متأكدًا إن كنت أقدر تحديد رقمًا معيَّنًا”. إنك لن تأخذ أي مال إطلاقًا بهذه الطريقة. أما إن كتبت بالأرقام الواضحة المبلغ المُحدَّد الذي تريده –بالأحرف، موضَّحًا أيضًا بالأرقام– فإن الموظَّف سوف يعطيك المال الذي تريده إذا كان رصيدك يسمح بذلك. وهكذا إن كان لديك رصيد لدى الإله العظيم –كما، بفضله، يملك بعضنا– فاذهب واطلب ما تريد.

يقول الرسول يعقوب، في الأصحاح الأول من رسالته، والذي نقرأه: “إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ تُعْوِزُهُ حِكْمَةٌ، فَلْيَطْلُبْ مِنَ ٱللهِ”. إن طلب إنسان من الله غنى، فهذا ليس ما وعد أن يعطيه؛ وإن طلب صحَّة، فقد تُعطَى له. ولكن الوعد هنا يتعلَّق بالحكمة، وهو ما يحتاج إليه الإنسان. فلذلك ليصلِّي من قلبه: “يا رب أعطني حكمة”. أعتقد أن صلواتنا ستسرع بشكل أفضل إن لم نتردَّد كثيرًا بشأن ما نطلبه حقًّا، وليس في شك فيما إذا كان الله سيعطينا ذلك الشيء أم لا.

[1] جماعة من المستوطنين المسيحيين الهولنديين الذين توغلوا في أفريقيا من الجنوب باتجاه الشمال.