كالفن المشير – بقلم: جاي آدامز
أثناء هذا العام (2009)، عام إحياء ذكرى جون كالفن، والمناقشات الكثيرة لأعماله المتميِّزة من أجل الرب، تم تجاهل أحد عناصر خدمته.
كان كالفن مشيرًا بامتياز.
لقد قرأت كل رسائله، بحسب ما جمَّعَتها وحرَّرَتها ونشرتها بحرص جمعيَّة باركر (Parker Society). وقد ركَّزَت مُعظمها ليس فقط على بعض المشاكل العمليَّة الشخصيَّة، التي كانت لدى الآخرين –والتي قدَّم عنها مشورة كتابيَّة– بل كانت مشورة غاية في التمكُّن، وأحيانًا تمتد إلى صفحات.
لم يكن كالفن يهتم بأن يقول للناس إنهم يُفكِّرون بطريقة خاطئة، عندما فعلوا ذلك، ولا حتى إن ما يفعلونه كان يستوجب التعنيف، ولكنه تحدَّث دائمًا كصديق. وعندما كان يفعل ذلك من أجل الكنيسة، كما من أجل الفرد، لم يكن محابيًا مع الأشخاص، وربما وبَّخ ألصق أصدقائه (مثل فاريل أو فيريت) إذا لاحظ أن كلماتهم أو أفعالهم تُسبِّب ضررًا لعمل المسيح. وفعل ذلك دائمًا بطريقة فيها العون، وبروح الصداقة، ولكن دائمًا واضعًا الرب أولًا قبل كل شخص أو شيء.
ولكن لم تكن مشورته دائمًا من ذلك النوع، بل قدَّم مشورةً لأناس حزانى، ومُتألِّمين، وكثيرين كانوا في السجن، وبعض منهم كانوا يواجهون الموت. كما أشار على ملوك وملكات، وعلى أناس مُهشمَّين طلبوا العون، وعلى آخرين ممَّن يقودون الإصلاح (بمن فيهم لوثر –الذي لم يأبه إلى أي نقد، حتى عندما كان كالفن يفعل ذلك بغاية من الاحترام والرقَّة!).
وأول رسالة لكالفن، المؤرَّخة في سنة 1534، كُتبت عن مشورة قدَّمها لبنت صغيرة تم الضغط عليها لكي تكون راهبة. قام كالفن بوضع أمامها كل الحقائق، وشجَّعها لكي تُفكِّر بحرص قبل أن تصنع قرارًا. وعند موت ابنه الصغير، كتب في أعمق حزن: “ولكنه هو نفسه أب، ويعرف جيِّدًا ما هو صالح لأولاده”.
وفى حديث في حالة تأديب كتب: “سأعاملها ليس بحسب ما تستحق بل بحسب ما تتطلَّب وظيفتي.” هكذا استطاع أن يفصل ما هو شخصي عن الواجب غير المستحب عند اللزوم.
لا يمكن لأحد أن يقرأ المراسلات الواسعة –التي أعطيتك قليلًا منها– إلَّا ويرى فيها إنسانًا مُهتمًّا بأمور الأفراد، وما يمكنه، كخادم للرب، أن يفعل لكي يساعدهم. فقد قضى ساعات يتكلَّم مع الناس الذين جاءوا إلى بيته يطلبون النصيحة، لدرجة أنه رحَّب ببعضهم لكي يمكثوا في بيته لبعض الوقت. وعندما استلزم الأمر أخذ المبادرة للتعامُل مع خطايا الآخرين وأوجاع قلوبهم. بدأ أكاديميَّة، ومستشفى ومجلس إرساليَّات أجنبيَّة. زار المرضى أثناء الوباء، حتى خاف شيوخ المدينة أن يأخذ العدوى، فمنعوه. كان كالفن مشيرًا – ربما كان كذلك أكثر من أي مُصلح أخر. ويوجد الكثير الذي نتعلَّمه من رسائله بخصوص المشورة وكيفيَّتها. فقد كانت عنايته بالناس عظيمة؛ وبالذين يتألَّمون بلا حدود. وكل هذا إلى جانب عمله اللاهوتي الضخم، وأثناء مرضه بأمراض مختلفة. فبعض رسائله أملاها وهو في فراش المرض!
لا يوجد خادم للكلمة يمكنه احتمال أن يُحرم من رسائل كالفن. فقراءتها هي منهاج في علم الرعاية، لا يمكن الحصول عليه في مكان آخر! فاقتنه واقرأه واستمتع به، واقتنع به، وتُب، واتبع.