هاتوا العشور وجرّبُوني: أ. مارك عبد المسيح

هَاتُوا جَمِيعَ ٱلْعُشُورِ إِلَى ٱلْخَزْنَةِ لِيَكُونَ فِي بَيْتِي طَعَامٌ، وَجَرِّبُونِي بِهَذَا. (ملاخي ٣: ١٠)

هل يُمكن أن يُجرب الإنسان الله؟ ألم يأمر الله الإنسان “لا تجرب الرب إلهك”؟ للإجابة على هذا السؤال نحتاج أولًا أن نقضي وقتًا لفهم السياق الذي تكلم فيه الله على فم ملاخي بهذه الكلمات.

سياق ملاخي:

كتب ملاخي آخر سفر من أسفار العهد القديم. كان الشعب قد رجع من السبي الآشوري إلى أرضهم، لكنهم في الحقيقة لم يكونوا قد رجعوا من السبي الروحي. فعندما استقر الشعب في أورشليم نجدهم يسلكون في عصيان واحتقار لوصايا الله. فيتزوجوا من الأجنبيات ويعبدون آلهتهن؛ ينتشر الظلم الاجتماعي في وسطهم؛ يتجاهلوا مرة أخرى عبادتهم ليهوه بما فيها تقديم ذبائحهم وعشورهم (يمكن قراءه تلك الأحداث في نحميا ٥ و١٣). لكن، الخبر السار هو أن سفر ملاخي لا يذكر فقط توبيخ الله للشعب الراجع من السبي، بل يكشف عن خلاص الله، الذي سيأتي بنفسه إلى هيكله لكي يُنقي شعبه تنقية روحية حقيقية، يبررهم ويستردهم من سبي خطاياهم (ملا ٣: ١٦).

هذه الخلفية ضرورية لفهم ملاخي ٣: ٧١٢ موضوع حديثنا (وبالأخص عدد ١٠). ففي عدد ٧، يُعاتب الله شعبه الراجع من السبي على كسر العهد مرة أخرى مثل أباءهم. لكن المشكلة تفوق كسر العهد، فالشعب عندما يسمع دعوة الله للعودة والرجوع، يتساءل “بِمَاذَا نَرْجِعُ؟”، وكأنهم، عميانًا ومتجاهلين لخطاياهم وواثقين في أعمال تدينهم الخارجية، يقولون لله، “أنت الذي ابتعدت عنَّا، أنت الذي ينبغي أن ترجع، نحن لا نشعر بحضورك، ارجع أنت!” وللأسف إلى اليوم كثيرًا ما نجيب دعوة الله، “ٱرْجِعُوا إِلَيَّ أَرْجِعْ إِلَيْكُمْ”؟ بالقول، “بِمَاذَا نَرْجِعُ؟” بدلًا من فحص طرقنا والتوبة والرجوع لله.

ردَّ فعل الشعب في التعبير عن جهلهم بخطاياهم، قاد الله لإعلان تلك الخطايا بأكثر تفصيل. وأحد الخطايا التي كشفها الله في محاجته مع الشعب هي أن الشعب لم يكن أمينًا في إعطاء “جميع” العشور والتقدمات لله. كانوا يُعطوا الله لكنهم لم يعطوه أفضل ما عندهم. بدلاً من إعطاء الله أفضل خروف للذبيحة، كانوا يعطون الخروف الأعمى، أو الأعرج والسقيم. كانوا يعطون الله العطايا التي لا يستطيعون ان يستفيدوا منها في حياتهم العملية، ولا يستطيعون ان يقدموها هدية للوالي (ملا ١: ٨). فما كان يفعله الشعب يشبه ما نفعله اليوم عندما نُفكَّر، “الله يعرف أن بيتي له احتياجات كثيرة، فلا مانع من إعطاء أقل من القليل، وسأضع العملات التي لا يُمكن صرفها في السوق لخدمة الكنيسة والملكوت والفقراء. على كل حال أنا نفسي من ضمن الفقراء، والرب طيب!”. ليس فقط في المال، لكننا ربما نفعل ذلك في الوقت، العبادة الشخصية والعائلية ووسط الكنيسة، وغيرها. [1]

فكثيرًا ما نتجاهل إعطاء الله “أفضل ما عندنا” بطرق مختلفة. وقد تدربَّنا وصارت لدينا القدرة لنختلق مئات من الأعذار التي تبدو منطقية لنا، ونظن أن الله لا يهمه. لكن الله يأتي ويقول، “أَيَسْلُبُ ٱلْإِنْسَانُ ٱللهَ؟ فَإِنَّكُمْ سَلَبْتُمُونِي” (ع. ٨) (أي: سرقتموني، سرقتم الله!”. سرقتموني في أفضل ثمار مجهودكم؛ سرقتموني في أفضل ثمار جيوبكم ودخلكم (“فِي ٱلْعُشُورِ وَٱلتَّقْدِمَةِ”)، وكل هذا لأنكم في البداية سرقتموني عندما لم تمنحوني باكورة حُب قلوبكم. وما نتيجة سرقة الله؟ نقرأ في عدد ٩، “لُعِنْتُمْ لَعْنًا… هَذِهِ ٱلْأُمَّةُ كُلُّهَا” أمَّة بالكامل صارت تحت لعنة الله. فالله يؤكد في كلمته أن عدم طاعة الله ينتج عنه لعنَّة الله. “مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ لاَ يَثْبُتُ فِي جَمِيعِ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ النَّامُوسِ لِيَعْمَلَ بِهِ” (غلاطية ٣: ١٠). وقد رأينا في العهد الجديد، في قصة حنانيا وسفيرة، نفس هذا الإله القدوس الذي يحتقر ويدين من لا يأتون بأفضل ما عندهم لله (أعمال ٥: ١-٥).

لكن الله لا يتوقف عن إعلان الخطية (سرقة الله) ونتيجتها (اللعنة)، لكنه يدعوا شعبه للتوبة العملية، “هَاتُوا جَمِيعَ ٱلْعُشُورِ إِلَى ٱلْخَزْنَةِ (مستودع لجمع العشور في الهيكل) لِيَكُونَ فِي بَيْتِي طَعَامٌ” (ع. ١٠أ)، ويعطيهم ثلاثة أمور تحفيزية كوعود في حالة توبتهم: (١) سيفيض عليهم بالبركة التي لن يستطيعوا إحصائها (ع. ١٠ج)، (٢) وسيحميهم من الجراد (الآكل) (ع. ١١)، (٣) وسيجعل كل الأمم تمتدحهم وتفرح بهم (ع. ١٢)، أي سيكونون بركة ويباركون الأمم (مثلما وعد الرب إبراهيم في تكوين ١٢: ٣).[2]

لكن يبقى السؤال، ماذا عن قول الله “وَجَرِّبُونِي بِهَذَا” (ع. ١٠ب)؟ ألم يقُل الكتاب في مواضع أخرى “لَا تُجَرِّبُوا ٱلرَّبَّ إِلَهَكُمْ” (تثنية ٦: ١٦؛ متي ٤: ٧؛ لوقا ٤: ١٢)؟  للإجابة على هذا السؤال علينا أن نلاحظ الآتي:

أماكن أخرى نرى فيها دعوة مماثلة:

دعى الله شعبه في أكثر من مكان لتجربته بمعنى أن يمتحنه. ففي إشعياء ٧: ١١-١٢ نجد إشعياء يُشجع آحاز ملك يهوذا على طلب آية أو علامة من الله لكي يطمئنه أن الله سيتعامل مع أعداء أورشليم آنذاك (رصين ملك أرام وفقح بن رمليا ملك إسرائيل)، لكن آحاز رفض. الأمر الذي قاد أحد اللاهوتيين للتعليق قائلًا “تظاهر آحاز بالتقوى في رفضه عاصيًا أن “يمتحن الرب” في إشعياء 12: 7 وهو يسيء تطبيق تثنية 16: 6، الأمر الذي يدل على عماه الروحي”.[3] كذلك، في ١ ملوك ١٨: ٢٠ -٤٦ نجد إيليا النبي يضع امتحان أمام جميع بني إسرائيل لإثبات ما إذا كان الله أم البعل هو الإله الحقيقي.

الكلمات العبرية:

هناك ثلاث كلمات في اللغة العبرية[4] تُشير إلى الفحص أو الامتحان أو تجربة أو التمحيص الذي غرضه التنقية وهم צרף، נסה، בחן. نجد هذه الكلمات الثلاثة كمترادفات في مزمور ٢٦: ٢.

  • كلمة צרף موجودة في ٢٩ عدد في العهد القديم. في معظم هذه المرات تُشير لعملية التنقية للذهب والفضة. كما تأتي أيضًا بصورة مجازية للحديث عن عمل الله في إزالة الشوائب أثناء تقديس شعبه (ملاخي ٣: ٢-٣).[5]
  • كلمة נסה موجودة في ٣٤ عدد في العهد القديم. في معظم هذه المرات تأتي بمعني اختبار أو امتحان. تُشير في بعض هذه المرات لامتحان أو تجربة الله لأفراد (مثل إبراهيم في تكوين ٢٢: ١، ولحزقيا في ٢ أخ ٣٢: ٣١)، أو لشعب إسرائيل (خروج ١٦: ٤؛ تثنية ٨: ٢). ولكن هناك حوالي ١٠ مرات نجد فيها الكلمة مُستخدمة للإشارة لما يعمله أناس من شعب الله لتحدي الله وتجربته بعصيان (خروج ١٧: ٢). فالله يقول إن الشعب جربه عشر مرات في الجزء الأول من مسيرتهم في البرية، وكان هذا يُغضب الله (تثنية ١٤: ٢٢).
  • نجد كلمة בחן (الُمستخدمة هنا في ملاخي ٣: ١٠) في ٢٨ عدد في العهد القديم. في معظم هذه الأعداد الله هو الذي يمتحن أمانة قلب أو فكر الإنسان (١ أخ ٢٩: ١٧؛ إر ١١: ٢٠؛ مز ٧: ٩؛ أمثال ١٧: ٣). في مزمور ٩٥: ٩، نجد בחן مُستخدمة للإشارة لإنسان يُجرب الله لكنها في سياق فيه توازي مع كلمة נסה (التي تأتي كثيرًا كما ذكرنا بمعنى تجربة الله). هذا جعل بعض علماء اللغة يستنتجون أنه في بعض الحالات تأتي كلمة בחן للإشارة لتقييم أمانة شخص أو “كم يُمكن الاعتماد على” شخصٍ ما.[6]

وقد أشار أ. أي. هيل، أن هذا الطلب الإلهي “جربوني بهذا” هو طلب “استثنائي extraordinary” وإن كان قد تكرر في العهد القديم (كما رأينا في قصتي آحاز وإيليا). ثم يُضيف، إن تلك الوصية هنا “لا تتعارض مع “لا تجرب الرب إلهك” (تثنية ٦: ١٦)”. فكلمة “تجرب” في سياق تثنية (العبرية נסה) تُشير للتجربة من مكان فيه كبرياء وعدم إيمان ساخر. أما “المصطلح المستخدم هنا (عبراني בחן) يدل على اختبار أو تجربة من موقف الشك الصادق”، بدعوة من الله نفسه للاتكال على أمانته، والمقصود هو “تشجيع الإيمان بالله”.[7] لذلك، يُمكننا أن نفهم ما يقوله ملاخي على إنه “حث أو أمر لمجتمع يهوذا أن يمنحوا الله الفرصة لإثبات أمانته استجابةً لإيمانهم”.[8]

من المهم ملاحظة أن الله للتو كان قد وبخ الشعب بسبب قولهم “بماذا نرجع؟”، وهنا يشرح لهم إنهم إذا رجعوا بالفعل، وكانت توبتهم حقيقية واُثبتت حقيقتها بالثمر الذي فيه يعطون “كلَّ، بل وأفضل ما عندهم”، فآنذاك سيُثبت الله أمانته وكذلك سيُثبت أن الشرَّ كان من جهتهم عندما يفتح كوة السماء، التي قبلًا نراها تُفتح بالدينونة (تك ٧: ١١)، ولكن الآن تُفتح بالبركة (ع ١٠؛ ٢ مل ٧: ٢).

نصوص شبيهة بنص ملاخي:

هذا الوعد بالبركة في حالة التوبة يُمكن ان نراه في عدة أماكن في كلمة الله. في النهضة التي حدثت وقت حزقيا (٢ أخبار الأيام ٣١)، نقرأ اهتمام حزقيا بتنفيذ شريعة الرب (تثنية ١٤: ٢٨، ٢٩) بإعطاء العشور للاويين والكهنة (٢ أخ ٣١: ٤). والنتيجة أنه «مُنْذُ ٱبْتَدَأَ بِجَلْبِ ٱلتَّقْدِمَةِ إِلَى بَيْتِ ٱلرَّبِّ، أَكَلْنَا وَشَبِعْنَا وَفَضَلَ عَنَّا بِكِثْرَةٍ، لِأَنَّ ٱلرَّبَّ بَارَكَ شَعْبَهُ، وَٱلَّذِي فَضَلَ هُوَ هَذِهِ ٱلْكَثْرَةُ».[9] عندما أعطى الشعب في وقت حزقيا العشور طاعة لشريعة الله فتح الله لهم كوة السماء.

كذلك، يشير متى هنري لوجود توازي بين ملاخي ٣ وموقف إيليا مع امرأة صرفة صيدا. فكما كان الله يطالب شعبه بإعطائه أول وأفضل ما عندهم أولًا، وبعدها سيفيض عليهم بالبركة (مطالبًا شعبه بالثقة في أمانته)، قال إيليا للأرملة الفقيرة التي لم يكن لديها سوى القليل من الدقيق والزيت، “لَا تَخَافِي. ٱدْخُلِي وَٱعْمَلِي كَقَوْلِكِ، وَلَكِنِ ٱعْمَلِي لِي مِنْهَا كَعْكَةً صَغِيرَةً أَوَّلًا وَٱخْرُجِي بِهَا إِلَيَّ، ثُمَّ ٱعْمَلِي لَكِ وَلِٱبْنِكِ أَخِيرًا” (١ ملوك ١7: ١٣). وقد أطاعت الأرملة واختبرت أمانة الله.

لذلك، يُمكننا الاستنتاج أنه “على الرغم من أنه من الخطأ اختبار الله بالشكوى والتمرد وعدم الإيمان…[10]، إلا أنه ليس من الخطأ اختباره بطاعة، خاصةً عندما يأمر بذلك”.[11]

التطبيق:

يبقى السؤال كيف نُطبق هذا بشكل عملي اليوم؟ وهل على المسيحي اليوم إعطاء عشور؟ وهل ينبغي أن نُعطي العشور ودافعنا الأساسي انتظار بركة الله فحسب؟

أولاً، يدعونا ملاخي ٣ لإعطاء الله أغلى ما عندنا، وبكورة محصولنا. فعطائنا الفعلي دائمًا ما يُظهر كنزنا الحقيقي. هذا العطاء يشمل مالنا، وقتنا، مواهبنا وكل وزنات وهبها لنا الله. فإن كنت لا تُعطي أغلى ما عندك، فاسأل نفسك، أين إلهك؟ وفيمن تثق؟ هل تثق في العطايا التي تريد الاحتفاظ بها لنفسك؟ أم في ساعات العمل الزائدة وما ستجلبه لك من غنى في حين أنها تمنعك عن الراحة والعبادة الفردية أو الجماعية؟

ثانيًا، العطاء المسيحي يجب دائمًا أن يكون نبعه الامتنان لعمل المسيح الذي اعطانا نفسه (٢ كو ٨: ٩)، والوعي بأن كل ما لنا هو لله. وإذ كان الله قال “جربوني بهذا”، فيجب علينا إن نأتي بأغلى ما عندنا باتضاع مُعطين لله وواثقين في أمانته أنه يُسدد كل احتياجاتنا، فهو إله أمين وجدير بالثقة.

ثالثًا، علينا الحذر من العطاء ونحن نجرب الله بالاتجاه القلبي الذي حذر منه الله في تثنية ٦: ١٦، الذي فيه يريد الإنسان بكبرياء وعدم إيمان وضع الله تحت الاختبار.

رابعًا، علينا الحذر من العطاء لملكوت الله ودافعنا الرئيسي هو الأخذ، خاصةً عندما يكون هذا الأخذ الذي ننتظره أخذًا ماديًا. فهذا ما يدعيه أتباع “إنجيل الرخاء” الذين يستخدمون أعداد مثل ملاخي ٣: ١٠ وينادون قائلين “أعطوا أموالكم للملكوت كبذرة صغيرة من الإيمان، والله سوف يعطيك أضعافًا مضعفة من المال”. فالمُعطي بهذه الطريقة يشبه لاعب القُمار الذي يريد أن يدخل ببعض الأموال لكي يخرج بأكثر، أو يشبه شخص يحاول استرضاء الله لمنفعة جسدانية. يقول الرسول يعقوب عن مثل هؤلاء “تَطْلُبُونَ وَلَسْتُمْ تَأْخُذُونَ، لِأَنَّكُمْ تَطْلُبُونَ رَدِيًّا لِكَيْ تُنْفِقُوا فِي لَذَّاتِكُمْ” (يع ٤: ٣).

الأخطر من ذلك هو أن هذا النوع من العطاء، المُنتظر الأخذ، غالبًا ما يصحبه كبرياء وبر ذاتي خفي يجعل الإنسان يتبرر أمام الله على حساب أعماله الصالحة وعطاياه الشخصية. وكأن ذلك الإنسان يُطالب الله قائلاً: “أنا أعطيتك هذا وذاك، فالآن أنت ينبغي أن تُعطني”. وكأن الله مديون للإنسان. في مثل هذه العلاقة، يتعامل الإنسان مع الله كمديره في العمل الذي يُعطيه أجرة لعمله، وليس كأبيه الذي يهبه كل شيء كنعمة مجانية.

فكلمة الله تُعلم أن الخلاص بالإيمان وحده وهو عمل النعمة المُقدم لنا فقط على أساس عمل المسيح الفادي (أف ٢: ٨-٩)، المسيح وحده وهو من حمل لعنة خطايانا وأعطانا ميراثً أبديًا مجانيًا (غلاطية ٣: ١١).

أخيرًا، إن العهد الجديد لم يُقلل من متطلبات العطاء للمسيحي الحقيقي بل ضاعفها لتشمل استعداد لعطاء كل ما عندنا (انظر ٢ كورنثوس ٨-٩). هذا جعل بعض الرعاة يشجعون شعب كنيستهم على إعطاء العشور كأقل معيار (موجه لخدمة الكنيسة المحلية) وبالإضافة لذلك العطاء بسخاء فيما يفوق العشور لعمل الملكوت. فعندما نتقابل مع عطية الله للخلاص بيسوع المسيح، تصير هذه النعمة مُغيرة للإنسان، وتجعله على استعداد دائم أن يطيع دعوة يسوع مهما كانت فيها ترك لكل ممتلكاته: «يُعْوِزُكَ أَيْضًا شَيْءٌ: بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَوَزِّعْ عَلَى ٱلْفُقَرَاءِ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي ٱلسَّمَاءِ، وَتَعَالَ ٱتْبَعْنِي» (لوقا ١٨: ٢٢).

خاتمة:

دعني أتركك بقصة المرأة ذات الفلسين، والتي رأى المسيح عطاياها  أكثر من عطايا جميع الأغنياء. إذ لم تُعط فقط، بل أعطت من “إِعْوَازِهَا، (و) أَلْقَتْ كُلَّ ٱلْمَعِيشَةِ ٱلَّتِي لَهَا” (لوقا ٢١: ٤). عزيزي القارئ، هل تُعطي لملكوت الله مثلما أعطت هذه المرأة؟ تذكر أنه “حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكَ هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكَ أَيْضًا” (متى ٦: ٢١).


[1] ربما يكون لسان حالنا “الرب يعرف أنني لا امتلك الكثير من الوقت، والعمل ضروري لكي يأكل البيت الذي وكّلني هو عليه، فالله لن يُمانع إن كنت لا أتوقف عن العمل يوم الأحد للعبادة؛ وبالتأكيد الرب طيب ولن تنقطع علاقتي معه إن كنت مشغول هذا الشهر عن قراءة كلمته، فأنا أصلي سريعًا قبل النوم الصلاة الربانيّة – أبانا الذي”.
[2] ماك آرثر، تفسير الكتاب المقدس، ١٤٨٢.
[3] Taylor, R. A., & Clendenen, E. R. (2004). Haggai, Malachi (Vol. 21A, p. 423). Nashville: Broadman & Holman Publishers.
[4] تم الاستعانة في معظم ما يلي ب Taylor, R. A., & Clendenen, E. R. (2004). Haggai, Malachi (Vol. 21A, p. 423). مع إجراء بعض التعديلات في الأرقام بالاستعانة ببرنامج اللوجوس.
[5] (انظر ايضًا، إشعياء ١: ٢٥، ٤٨: ١٠، إرميا ٦: ٢٩: ٩: ٧).
[6] T. L. Brensinger, “בָּחַן (bāḥan),” NIDOTTE on CD-ROM. Version 1.0, quoted in Taylor, R. A., & Clendenen, E. R. (2004). Haggai, Malachi (Vol. 21A, p. 423).
[7] Hill, A. E. (2012). Haggai, Zechariah and Malachi: An Introduction and Commentary. (D. G. Firth, Ed.) (Vol. 28, p. 348). Nottingham, England: Inter-Varsity Press.
[8] Taylor, R. A., & Clendenen, Haggai, Malachi, 423. 
نفس الكلمة، بل ونفس الصياغة في الجملة، تم استخدامها في تكوين ٤٢: ١٥ للإشارة للامتحان الذي عمله يوسف لكي يمتحن أمانة اخوته عندما أمرهم للإتيان ببنيامين إلى أرض مصر. كان يوسف يريد أخوته ان يظهروا امانتهم وصدقهم عن طريق خوض هذا الامتحان.
[9] Fausset, A. R. (n.d.). A Commentary, Critical, Experimental, and Practical, on the Old and New Testaments: Jeremiah–Malachi (Vol. IV, p. 723). London; Glasgow: William Collins, Sons, & Company, Limited.
[10] خروج 17: 2-7؛ عدد 14: 22؛ تثنية 6: 14-18؛ مزمور 78: 17-19، 40-42، 56-58؛ 95: 8-9؛ 106: 6-29
[11] Taylor, R. A., & Clendenen, E. R. (2004). Haggai, Malachi (Vol. 21A, p. 423).